كمعلمين نفخر دائما بكوننا نعلم تلاميذنا مهارات القراءة والكتابة والحساب والعلوم وغيرها من المواد الدراسية التي نهيئهم
لخوض غمار الحياة الواقعية متسلحين بالأدوات اللازمة للتعامل معها بكفاءة وفاعلية. ولكن ربما يجهل الكثيرون أننا نتعلم
بالمقابل من طلابنا الكثير!
بالنسبة لي طوال الفترة التي عملت بها كمعلمة مساعدة، ثم معلمة، ثم رئيسة قسم ثم مدربة تعليمية- أعمل حاليا اختصاصية
مناهج للمواد التي تدرس باللغة العربية-، ألهمني طلابي بالكثير من الأمور الرائعة، وكان لكلماتهم في كثير من الأحيان وقع
السحر على مسامعي، والتي دفعتني بقوة إلى تطوير قدراتي ومهاراتي المهنية، وعدم الإذعان لواقعي المهني الذي كنت أشعر
في بعض الأحيان أنه غير منصف ولا يبرز ما لدي من مواهب وإمكانيات أكاديمية تتجاوز بمراحل ما كنت أقوم به!
ذكرت في كتابي لا تؤجل سعادتك الكثير من هذه القصص وكيف أنها كانت نقاط تحول هامة في حياتي!
يمكنكم الاطلاع على هذه القصص الملهمة من خلال قراءة الكتاب.
علمني طلابي أن الاهتمام بهم بصدق وإشعارهم بأنني أعمل لمصلحتهم جعلني أتمتع بإدارة صفية رائعة. اهتمام بغير حزم
سيكون دون شك أسرع طريق إلى الفوضى، لذا فالاهتمام والحزم قرينان في الغرفة الصفية وخارجها!
تعلمت أن أحترم قدرات طلابي وتفردهم وتميزهم، وأن أؤمن بأن لدى كل واحد منهم أساليب تعلم وذكاءات متعددة تتباين
فيما بينها تباينا كبيرا ولكنها جميعا جديرة بالتقدير والاحترام، حتى لو اعتقدت كمعلم –خطأ- أنها ليست الأهم من أجل
التحصيل الدراسي وإحراز درجات عالية!
تعلمت أن طلابي المشاغبين يودون التواصل معي ولذا هم يقاطعونني أحيانا ثم يعتذرون!
أيقنت أن تعلم طلابي من أجل الحياة أهم من الحصول على درجات مرتفعة، وأنه لا بأس من الإخفاق والفشل في بعض
الأحيان، لأن الفشل هو الطريق الطبيعي للتعلم وكسب الخبرات، ولكن للأسف المدرسة تعاقب من يخفق فورا، وينظر
إليه الآخرون بدونية، بينما الحياة تعتبر من يفشل ” صاحب تجارب وخبرة “، والجميع خارج المدرسة يرفع شعارات أنه لا
بد من الفشل من أجل تحقيق النجاح! كم أكره ازدواجية المعايير هذه!
تعلمت أن الاستمتاع بالحصة هو ما يجذب الطلاب إلى التعليم ومن ثم التعلم. تعلمت أن ابتسامتهم العذبة وانخراطهم في
العمل هو أكبر دليل على نجاحي كمعلمة، وأهم بكثير من كل الأدلة الورقية التي تطلب مني ليتم تقييمي في نهاية العام
الدراسي والتأكد من أنني قد حققت الهدف!
طلابي هم الهدف وهم المقيمون الأساسيون!
تعلمت أن حب الطلاب واستغلال الفرصة الثمينة التي منحها الله عز وجل لي لأكون شخصية مؤثرة في حياتهم لدفعهم إلى
الأفضل، أسمى وأعظم من تغطية المنهج!
تعلمت الكثير ولكن لا تكفي هذه المقالة لإخباركم بجميع ما تعلمته منهم، ولكن أود في النهاية أن أقول وبفخر:
شكرا طلابي الملهمين!